فالمؤمن كالبنيان لا يستقل بأمور دينه ولا بأمور دنياه، ولا تقوم مصالحه على الوجه المطلوب إلا بالمعاونة، والمعاضدة بينه وبين إخوانه، فإذا لم يحصل هذا وانشغل كل واحد بنفسه فإن ذلك مؤذن بتفكك الأسرة والمجتمع، وكم رأينا كثيراً من المشكلات التي تشيب لها المفارق، ولا تقوم الجبال لحملها، ولربما عجز الناس عن حلها، والسبب أن هذه الأسرة التي وقعت لها هذه المشكلة لا يعرف بعضهم بعضًا، فهذا أحدهم يصارع الهموم والأحزان والآلام ولا يجد معيناً ومساعداً من أسرته. وفي كل يوم نسمع أشياء عجيبة من هذا الباب، تجد أحدهم فتسأله أليس لك أب، أو أخ، أو أقرباء؟، فيقول: أسرتي مفككة وممزقة، كل واحد مشغول بنفسه، فلا شك أن بعضًا من هؤلاء يرتمي في أحضان الشياطين، فيقع في المخدرات، والفتيات يكنّ فريسة للذئاب البشرية، والزوجة قد تقتل نفسها، أو تبيع عرضها ولو نكاية بأهلها الذين ضيعوها وأهملوها، ولم يسمعوا منها مشكلاتها، فهي بحاجة إلى أن تفرغ عن بعض مكنونات نفسها، فلا تجد أحداً يسمعها إلا ذئباً من هذه الذئاب البشرية، فيظهر لها الشفقة والعطف والمحبة وما أشبه ذلك حتى يوقعها في حباله، لكن إذا كانت الأسرة مترابطة مع بعضها، فيسمع الأب لأولاده البنين منهم والبنات، وكذلك الأم، والجار يتفقد جاره ويعرف حاله، حصل بذلك أمن للمجتمع، وقُطع الطريق على شياطين الإنس والجن الذين يأتون ويصطادون في مثل هذه البيئات المفككة ويجدون بغيتهم فيها.
شرح المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا
ونبينا صلى الله عليه وسلم مع علو قدره ومنزلته، كان المثل الأعلى في التعاون, سواء كان في داخل بيته مع أهله، أو مع أصحابه ومجتمعه الذي يعيش فيه, والسيرة النبوية زاخرة بالأمثلة الدالة على ذلك. التعاون والمشاركة النبوية مع أهله في بيته:
عن الأسود رضي الله عنه قال: سألتُ عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: (كان يكون في مهنة أهله ـ تعني في خدمة أهله ـ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة)، وعن عروة قال: (قلت ل عائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم) رواه أحمد. وإذا كان التعاون في أمور الدنيا بين الزوج وزوجته مطلوباً ومندوباً إليه، فكذلك التعاون بينهما على أمور الآخرة مطلوب ومندوب إليه، بل هو أحْرى وأَوْلى، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( رحِم الله رجلاً قام من الليل فصلى فأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلّى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) رواه أحمد. تعاون النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ومجتمعه: ـ الهجرة النبوية: هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ظهر فيها التعاون بصورة واضحة، ف أبو بكر الصديق رضي الله عنه اختاره النبي صلى الله عليه وسلم صاحباً ورفيقًا له في الهجرة، و على بن أبى طالب رضي الله عنه أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخلّف عن السفر ليؤدي عنه ودائع الناس وأماناتهم، وأن يلبس بردته ويبيت في فراشه تلك الليلة، حتى يظن المشركون الواقفون على باب بيته والذين يريدون قتله أنه صلى الله عليه وسلم لا يزال نائماً، في الوقت الذي يكون فيه هو وصاحبه قد خرجا من مكة في طريقهما إلى المدينة.
المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه
المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص
- المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص اسلام ويب
- حديث «المؤمن للمؤمن كالبنيان..» - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
- (736) نتائج بحث عن سلمان خان
- نتيجة اليوم النصر السعودي
- فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز آل سعود
- ابرز مظاهر التغير الاجتماعي في المجتمع السعودي في العصر الحديث
- شراء بطاقة باي